وصية عمرو بن كلثوم


أوصى عمرو بن كلثوم التغلبي فقال :
يا بني، إني قد بلغت من العمر ما لم يبلغ أحد من آبائي وأجدادي، ولا بد من أمر مقتبل، وأن ينزل بي ما نزل بالآباء والأجداد والأمهات والأولاد، فاحفظوا عني ما أوصيكم به.
إني والله ما عيرت رجلا قط أمرا إلا عير بي مثله إن حقا فحقا، وإن باطلا فباطلا.
ومن سب سب، فكفوا عن الشتم؛ فإنه أسلم لأعراضكم، وصلوا أرحامكم تعمر داركم، وأكرموا جاركم يحسن ثناؤكم، وزوجوا بنات العم بني العم؛ فإن تعديتم بهن إلى الغرباء فلا تألوا بهن الأكفاء، وأبعدوا بيوت النساء من بيوت الرجال؛ فإنه أغض للبصر وأعف للذكر، ومتى كانت المعاينة واللقاء ففي ذلك داء من الأدواء، ولا خير فيمن لا يغار لغيره كما يغار لنفسه ، وقل لمن انتهك حرمة لغيره إلا انتهكت حرمته.
وامنعوا القريب من ظلم الغريب؛ فإنك تدل على قريبك، ولا يحل بك ذل غريبك، وإذا تنازعتم في الدماء فلا يكن حقكم للقاء؛ فرب رجل خير من ألف، وود خير من خلف، وإذا حدثتم فعوا وإذا حدثتم فأوجزوا؛ فإن مع الإكثار يكون الإهذار، وموت عاجل خير من ضني آجل، وما بكيت من زمان إلا دهاني بعده زمان، وربما شجاني من لم يكن أمره عناني، وما عجبت من أحدوثة إلا رأيت بعدها أعجوبة، واعلموا أن أشجع القوم العطوف، وخير الموت تحت ظلال السيوف، ولا خير فيمن لا روية له عند الغضب، ولا فيمن إذا عوتب لم يعتب، ومن الناس من لا يرجى خيره ولا يخاف شره فبكؤه خير من دره، وعقوقه خير من بره، ولا تبرحوا في حبكم فإنه من برح فى حب آل ذلك إلى قبيح بغض، وكم قد زارني إنسان وزرته فانقلب الدهر بنا فبرته، واعلموا أن الحكيم سليم، وأن السيف كليم؛ إني لم أمت ولكن هرمت، ودخلتني ذلة فسكت، وضعف قلبي فأهترت، سلمكم ربكم وحياكم

تعليقات

المشاركات الشائعة