التخلف

010

فى أثناء شرح الطبيبة أحد أنواع التطعيمات البسيطة عقبت قائلة "هذا التطعيم أصبح إجباريا فى بعض الدول المتخلفة "ثم أضافت بعدها "يعنى مثلا ……………..وذكرت إحدى الدول العربية، وجاءنى صوت الزميل المجاور لى قائلا " …….. ….الدول المتخلفة " تفاجئت أن لهجته غير مصرية وإن كانت ملامحه مصرية فابتسمت له ،وبعد فترة قال لى هناك طالبة أخرى من هذه البلد يجب أن تراجع الطبيبة فيما قالته ، وارتسمت على وجهه ملامح الخجل الممزوج بالحسرة أنه ليس مصريا ،المحاضٍرة كانت متمكنة من المحتوى العلمى للمحاضرة مطلعة على أحدث الاكتشافات الحديثة فى الخارج ،وفى أثناء ذلك علقت على تسمية أحد الأمراض فى البلاد المتخلفة وقالت اسم المرض العربى،والحقيقة لم يعجبنى تصرف الطبيبة على الإطلاق، فنحن نوصف بالتخلف من كل دول العالم ونأتى اليوم ونصف غيرنا بالتخلف إن هذا لمضحك مبكى أن أصف اخى بالتخلف فى حين أن غيرى يصفنا نحن الاثنين بالتخلف ، لو مضت الحياة بنا هكذا فسنظل نوصف بالتخلف للأبد ، ولكن نأمل أن يحمل لنا المستقبل همة عالية نحلم أن يحمل لنا المستقبل علماءا يضيئوا ضرب التقدم ، شباب يعرف تاريخه جيدا يعرف ما حل بالحضارة العربية الاسلامية يعرف كيف قامت الحضارة الأوروبية الحديثة على انقاضها ، يفهم كيف ترك بعض الغربيين حلو العيش وسط ذويهم وقضوا الأعوام يدرسون ويدققون فى أمهات الكتب العربية ، يعرف كيف ماذا فعل المستشرقون فى بلاد العرب وهمتهم العالية فى الحفاظ على العقل الغربى وتقريب المعلومة إليه ، يعلم أننا لم نكن يوما متخلفين حتى نوصف بالتخلف ،إن العلم لا يشكل بالنسبة للعقل المتخلف أكثر من قشرة خارجية رقيقة يمكن أن تتساقط إذا تعرض هذا العقل للاهتزاز، إن العلم ما زال في ممارسة الكثيرين لا يعدو أن يكون قميصاً أو معطفاً يلبسه حين يقرأ كتاباً أو يدخل مختبراً أو يلقي محاضرة ويخلعه في سائر الأوقات، ضحكوا بملء فوهم على التسمية العربية للمرض وهذا هو التخلف بعينه  إن الانفصام بين لغة العلم ولغة الحياة اليومية. ونعني بذلك دراسة العلوم المضبوطة بلغة أجنبية يظل غالبية الطلاب، ما عدا أبناء القلّة ذات الحظوة، عاجزين عن التعامل بها، يظل غريباً عنهم عالمهم وواقعهم، ويشكل في أحسن الحالات قشرة خارجية لا تتجاوز السطح. بينما عالمهم المعاش تحكمه اللغة الأم المشحونة بالانفعالات والخرافة، والبعيدة كل البعد عن العملية. قامت حضارة الغرب الحديثة فى فترة اتكال المسلمين إلى الراحة بعد فتح القسطنطينية ،وانغماس المستشرقين فى حضارة المسلمين ،معتمدين على حسن معاملة المسلمين وأنهم مأمورون بعدم كتمان العلم أخذوا كل شئ وترجموه إلى لغته كان علمائهم يتحدثون اللاتينية القديمة وعامة الشعب لا يتحدثها فبدأو بأن أذابوا الفجوة بين العلم والعلماء وعامة الشعب ترجموا كل شئ حتى أنهم كان يتصنتون على النساء فى مخادعهم ينقلون ويكتبون ويترجمون، ومازلنا حتى الآن فى سبات عميق إذن نحن لسنا متخلفون بل نائمون ، فى التوافه قابعون ، ومن قشور العلم محصلون ، أتمنى أن يأتى يوما أرى فيه انبعاث الحضارة العربية الحديثة أو "الثورة الصناعية العربية" ، أن أسمع فى التلفاز كل يوم عن الاكتشافات الحديثة فى العالم العربى ، أن أرى انبهار الشباب العربى وغيرهم ببلادهم بقدر انبهارهم اليوم بالبلاد الغربية ، أتمنى أن تقل ظاهرة الأنوية التى تسيطر على المجتمع الآن ، أتمنى أن تدب روح التفائل الممزوج بالعمل فى نفس كل فرد فى الأمة وأن نجلس مع أنفسنا ونقييم حياتنا وماذا نستطيع أن نقدم لتنهض بلادنا كما نهضت غيرها،لا أعرف إن كنت سأرى الثورة الصناعية العربية فى حياتى أم سيراها أبنائى إن شاء الله أم سيراها أحفادى أم أحفاد أحفادى ، كم أتمنى أن أرى هذا اليوم ؟

يتم الآن إعداد ندوة عمرو خالد فى استاد جامعة المنصورة ومطلوب منى أن أقوم باعداد ورقة عن "أخلاق الثورة " يتم توزيعها قبل المحاضرة على طلاب الجامعة ، ومازلت أبحث عن مصادر وأسعد بمشاركتكم معى أو الإشارة إلى بعض المقالات التى تحدثت عن هذا الموضوع .

 

أسعد بمتابعتكم لى على

لا تنسوا وضع ايميلاتكم فى مربع الخلاصات لكى يصلكم ملخص خلاصات تدويناتى وشكرا لكل أصدقائى

تعليقات

  1. السلام عليكم

    إن شاء الله عائدون أخي الكريم.. فقد زالت (على القل في مصر) الذين كانوا يريودن إبقاءنا جاهلين غافلين عن كل شيء وليس عن العلم الحديث فقط...

    طبعا خرافة أننا متخلفون بالفطرة مفضوحة منذ زمن لكل من يرى ماذا تفعل عقولنا في الخارج عندما تجد الفرصة العادلة...

    بالنسبة لأخلاق الثورة فادعوك للرجوع إلى موقع أون إسلام، ففيه عدد من الملفات الهامة.

    تحياتي مع تمنياتي بالتوفيق.

    ردحذف
  2. غير معرف10:34 م

    دكتور مصطفى
    هذه آفة من آفات العرب : تبادل الاتهامات و التخصص في الشتائم بقاموس من المفردات لن تجد مثله في معاجم الردح الدولية ، و المحصلة كلنا في التخلف سواء. يزعجنى المتعلم الذي يعجز عن ضبط ميزان ألفاظه فتخرج و كأنها دبش يبطح كل من وضعه سوء حظه في محاضرته ( أقصد سكته)

    ردحذف
  3. غير معرف3:21 م

    السلام عليكم يا دكتور مصطفى بإذن الله هذا اليوم قريب إن شاء الله وسوف تشاهده قبل أن يشيب شعر راسك هذه ليست مبالغة بل هى قراءة لسنن الله في الكون والأحداث الجارية تدل على ذلك والأيام حبلى بالمفاجآت المهم بل الأهم ليس أن نرى هذا اليوم بل بماذا سنشارك في هذا اليوم
    إذا مطمحت إلى غاية ركبت المنى ونسيت الحذر

    ردحذف
  4. صديقى العزيز..
    نعم نحن نائمون وليس متخلفون..والبلاد العربية التى تتكلم عنها الطبيبة اصبحت فى غمار التقدم وان كان استهلاكيا انما افضل ممن لم يستخدم التكنولوجيا او ينتجها..
    ربنا يصلح الحال...ربنا يوفقك..فى اعداد الورقة..ولكنى اقترح يا مصطفى ان الندوة دى تتاجل شوية لما موضوع الاستفتاء يهدى لان فيه ناس هتهاجم عمرو خالد..عشان قال لا

    ردحذف
  5. ماجد القاضى
    إن شاء الله عائدون أخى ماجد ولن نفقد الأمل لحظة واحدة

    محمد محمود عمارة
    المشكلة يا أستاذ محمد أن فرص النقاس تكاد تكون منعدمة فى هذه النقاط

    ردحذف
  6. غير معرف سؤلاك أيقظ فى كثير من الأمل ماذا سنشارك فى هذا اليوم؟

    دكتور إبراهيم
    نحن ميتون فى صورة أحياء

    ردحذف
  7. جددوا موضوعتكم .. رجاءاً :)

    ردحذف
  8. هو آفه المجتمعاااااااااات

    ردحذف

إرسال تعليق

أتشرف برأيك

المشاركات الشائعة