الرحيل
هذا جزء من رواية ممزقة ، إنه صديقى المقرب وإن شئت صديقى الوحيد أعرف نظرة الحزن فى عينيه فكم رأيتها فى أحزانه، نظرة الشفقة .. نظرة الاحساس بالذنب .. نظرة قاتلة، قبل أن تتوطد صداقتنا كم تشاجرنا لرغبتى فى معرفة سبب حزنه وكانت النهاية المرهقة ان نبيت كلانا ونظرة الحزن تكسو وجهى قبل وجهه .. ثم نتصافى فى اليوم التالى ولكن هذا اليوم كان يوما فاصلا .. عاد لتوه من حفل خطوبة دعاه إليه أحد أصدقائه الآخرين .. عاد والساعة تقترب من منتصف الليل..كانت ليلة مطيرة شديدة البرودة - وأحب أن أقضى الليالى الممطرة الباردة فى الكتابة تحت ضوء ظلة المصباح (الأباجورة) الصفراء وأمامى كوب أو اكواب من الشاي الساخن أكتب مشتما رائحة البخار .... هكذا أحب أن أصنع فى الشتاء.
قطع على خلوتى فى تدوين وتنقيح بعض المشاريع الكتابية وكالعادة رأيت نظرة الحزن فى وجهه ... قتجاهلته ولم أكلمه لعلمى بما سيدور من جدال معتاد لا فائدة منه .
فسلم وجلس ولم يتكلم كثيرا ولم يشعل الضوء كعادته بل قام بعمل كوب من الشاي تفوح منه رائحة القرنفل الذى يحبه وجلس ......... لم يقطع صوت الصمت إلا صوته يخرج مختنقا بالعبرات يكاد يبكى ، فتركت القلم وإذ به يقول لعلك تسأل الآن !! لماذا أنا حزين إلى هذه الدرجة مع أنى لتوى عائدا من حفل قابلت فيه كثير من الأصدقاء ..... فقلت له " عادتك ام تشتريها .... دائما حزين فى وقت الفرح ..مهزار فى وقت الجد " فقال لى اعذرنى فأنا لا أعرف لماذا ينتابنى شعور بالحزن فى بعض الاوقات .... ثم صمت وتنهد قائلا .. وأتذكر أياما لم أحزن فيها كان الحزن لزاما لها .. فنظرت فى وجهه فكان تعابير وجهه كأنما لم أرها قط فى حياتى .. فتحاشيت النظر إلى وجهه وبدأت أخط بعض الخطوط فى ورقة بيضاء أمامى .. فقال : يمر أمامى شريط من الذكريات المرة كأنه الخناجر توجه إلى صدرى فلا أستطيع الهرب منها .. فقلت مستهزءا : ذكريااات !! .
ثم نظرت إليه وعاجلته قائلا : أنت تريد أن تعيش فى وهمك وضلال ذكريات يمليها عليك شيطانك ، تريد أن تبرر لنفسك تلك الأفعال الصبيانية التى لا طائل منها إلى وجع القلب وقلة الحيلة وفساد الرأى وضعف العزيمة ، لقد مر على ما تقوله أعوام ومع ذلك تجعلنا كل يوم نعيش فى ذكرى مآساتك ، كأن العالم كله يقف عند هذه النقطة ... أفق ياصديقى من وهمك ودع عنك هذا الإرهاق النفسى ،ولا تضع وقتك ووقتى فى هذا " الهراء" ..فنظر لى نظرة عتاب شديدة ولم ينطق بعدها ... كأنما نظرته وصمته قد أوصلت لى معانى لم أرها قط فى أثناء صداقتى له ... كان هذا اليوم من الأيام الفاصلة فى علاقتى به .. تغير بعدها معى تغيرا شديدا حتى تمنيت أن لم أكن قلت له هذا الكلام ... غاب عنى ذكره وحول إلى جامعة أخرى وانقطعت أخباره كليه عنى .. كانما بدأ حياة جديدة .. يوما ما كنت أقلب الأوراق التى كنت أكتبها تلك الليلة لإذا بورقة مكتوبة بخطه “لا يوجد في العالم أسمى من دفع الآلام عن انسان لايستطيع التعبير عن ألمه .. عزازيل ” فكأنما أفقت من سبات لا يكفى ان تكون كاتبا حتى تدعى الشعور بآلام الآخرين ... متى أراك مرة أخرى يا صديقى.........يتبع
نبضه
“لا يوجد في العالم أسمى من دفع الآلام عن انسان لايستطيع التعبير عن ألمه .. عزازيل ”
روابط أخرى
تعليقات
إرسال تعليق
أتشرف برأيك